القائمة الرئيسية

الصفحات

مفهوم عقد التأمين لدى القانونيين والاقتصاديين

مفهوم عقد التأمين لدى القانونيين والاقتصاديين


مفهوم عقد التأمين لدى القانونيين والاقتصاديين
مفهوم عقد التأمين لدى القانونيين والاقتصاديين

مفهوم عقد التأمين 

 
يوجد لعقد التأمين مفاهيم متعددة ومختلفة باختلاف وتعدد المجالات التي يوظف فيها بحيث إن هذا التعدد يشكل كما معرفيا هاما يدفع إلى عدم القدرة على إعطاء مفهوم واحد لهذا العقد، حيث إن هذه المفاهيم . من التعاريف التي وضعت له بمحاولة من رجال الفقه والقانون وكذلك الاقتصاديين إلى درجة أن وضع تعريف محدد ودقيق حير الفقهاء زمنا طويلا. فجميع التعريفات التي وضعت له كانت محل النقد الشديد تصل أحيانا إلى القضاء عليه.

المفهوم لدى القانونيين والاقتصاديين


تعددت التعاريف الصادرة بشأن عقد التأمين نظرا لاختلاف المنظور الذي يرى به الفقهاء والاقتصاديون التأمين وأيضا لتفاوت العنصر أو العناصر التي يتم التركيز عليها من جانب كل منهم. حيث يركز القانونيون على الجانب القانوني أكثر من الجانب الفني الذي يركز عليه الاقتصاديون. وبذلك ستتم دراسة هذا المطلب من خلال الفرعين الآتيين:
 

مفهوم  عقد التأمين لدى القانونيين


تعددت التعاريف الواردة لعقد التأمين لدى فقهاء القانون وسوف نختصر دراستها على ما يلي:

يعرفه بلانيول وروبير الفرنسي بأنه: "عقد يتعهد بمقتضاه شخص المؤمن (assureur) أن يعوض شخصا آخر يسم له (assuré) عن خسارة احتمالية يتعرض لها هذا الأخير مقابل مبلغ من النقود هو القسط الذي يقوم المؤمن له بدفعه على المؤمن". يؤخذ على هذا التعريف بأنه ركز على الجانب القانوني وأغفل الجانب كما أنه يعد تعريفا يقتصر فقط على التأمين من الأضرار دون تأمين الأشخاص، وقد بني على أساس أن المؤمن يعوض المؤمن له عن الخسارة المحتملة الوقوع والتي قد يتعرض لها إذا تحقق الخطر المؤمن منه وهي غير موجودة في التأمين على الأشخاص التأمين على الحياة لأن حياة الإنسان لا يمكن تقديرها .

ويعرفه سلوتر الإنجليزي بأن التأمين هو شراء الأمن، ذلك أن المؤمن له مدفوعا بالرغبة في حماية نفسه ضد خطر ما يشتري من المؤمن حق التعويض إن وقع الضرر بسبب ذلك الخطر، ويقال لثمن الشراء ،قسط وغالبا ما يكون دفعه سنويا، ويندرج وعد المؤمن بالتعويض عن حالة وقوع الحادثة، المؤمن ضدها فيما يقال له البوليصة".
 
يؤخذ على هذا التعريف بأنه ركز على الجانب القانوني دون إظهار الجانب الفني وهو مثل ،سابقه بحيث لا يحق للمؤمن له في هذا التعريف منح تعويض عن وفاة أي التأمين على الحياة، لأن المستفيد في حالة الضرر هو المؤمن له لا الغير.
 
وعرفه كذلك كامل مرسي بأنه عقد يأخذ فيه المؤمن على عاتقه طائفة معينة من الأخطار يخشى العاقدان وقوعها ويرغب المستأمن قسط التأمين أو الاشتراك ألا يتحملها منفردا في مقابل جعل يسمى يدفعه المستأمن". ويؤخذ على هذا التعريف إغفاله للجانب الفني الذي تعتمد عليه فكرة التأمين.
 
وعرفه محمد عرفة بأنه "عملية فنية تزاولها هيئات منظمة مهمتها جمع أكبر عدد ممكن من المخاطر المتشابهة وتحمل تبعتها عن طريق المقاصة بينها طبقا لقوانين الإحصاء، ومن مقتضى ذلك حول المستأمن أو من يعينه حالة تحقق الخطر من المؤمن منه على عرض مالي يدفعه المؤمن في مقابل وفاء الأول بالأقساط المتفق عليها في وثيقة التأمين". ويؤخذ على هذا التعريف بأنه ركز على الجانب الفني أكثر من من الجانب القانوني.

وعرفه جوسران بأنه: "عقد بمقتضاه يأخذ الضامن على عاتقه المخاطر التي يتوقعها الفريقان أثناء العقد، التي لا يرغب المضمون أن يتحمل وحده نتائجها النهائية لقاء ما يدفعه هذا الأخير إليه من الأقساط والاشتراك".

وعرفه بلاك في قاموسه القانوني ( BLACK'S LAW DICTIONARY) بأنه: "عقد يتعهد بموجبه أحد الطرفين ليعوض الطرف الآخر عن خسارة مادية محددة بسبب مخاطر ويسمى الطرف الذي يوافق على التعويض عادة بالمؤمن)، ويسمى الطرف الآخر بالمؤمن له ويسمى العوض المتفق عليه بـ قسط التأمين، ويسمى العقد المكتوب بينهما بـ (البوليصة) وتسمى الحوادث التي يراد توقيعها بـ (الأخطار).

ويضيف بلاك Black): "إن هذا العقد من شأنه أن يغطى أية خسارة أو ضرر أو مسؤولية ناشئة من الحوادث المستقبلية". وعرفه سيمان بأنه: "اتفاق" على تعويض الضرر الحاصل للمؤمن له في حدود الضمان الموعود به من طرف المؤمن". وعرفه المؤلفان دياكان و كارتر ) DIACON.S.R. et VARTER.R.L بأنه "تدبير يتعهد بموجبه أحد الطرفين (المؤمن)، للطرف الآخر (المؤمن (له أو (صاحب البوليصة)، بمبلغ من المال عند حدوث واقعة قد تسبب في إلحاق ضرر مالي بالمؤمن إن مسؤولية دفع هذه الخسائر تتحول من مالك البوليصة إلى المؤمن. وفي مقابل تحمل عبء هذه الخسائر يوافق المؤمن له على دفع أقساط مبلغ التأمين".
 
وعرفه قانون ولاية كاليفورنيا بأنه: "عقد بمقتضاه يتعهد شخص حادث بتعويض آخر عن خسارة أو تلف أو مسؤولية تنشأ عن عارض أو غير معروف مقدما" . ولعل التعريف الذي أورده الأستاذ هيمار بكتابه في شرح التأمين من أوفر التعريفات حظا للتأمين تلك التي ركزت على إبراز الجانب الفني مار الذكر حتى شاع هذا التعريف في الفقه الفرنسي شيوعا ملحوظا إذ يعرف الأستاذ هيمار التأمين بأنه: عقد بموجبه يحصل أحد المتعاقدين وهو المؤمن له في نظير مقابل يدفعه على تعهد بمبلغ يدفعه له أو للغير، إذا تحقق خطر معين للمتعاقد الآخر وهو المؤمن الذي يدخل في عهدته مجموعة من الأخطار يجري مقاصة فيما بينها طبقا لقوانين الإحصاء".

وهو التعريف الذي يقول فيه الدكتور عيسى عبده إنه يفضل غيره من وجهين الأول: إنه يصدق على نوعي التأمين، فهو يشمل التأمين من الأضرار التأمين على الأشياء، والتأمين من المسؤولية والتأمين على الأشخاص. الثاني: إنه أبرز العناصر القانونية والعناصر الفنية لعملية التأمين فهو قد أورد العناصر القانونية التي لابد من توافرها وهي: طرفا العقد، والخطر المؤمن منه والقسط، والمبلغ الذي يدفعه المؤمن عند تحقق الخطر، ثم إنه لم يغفل الناحية الفنية لعملية التأمين وما تقوم عليه من أسس وهي تجميع المخاطر المتحدة في النوع والطبيعة وإجراء المقاصة بينها وفقا لقوانين "الإحصاء".
 
ويحق للمتأمل في هذا التعريف أن يلاحظ عدم إحاطته بتفاصيل الجانب القانوني فيه إحاطة المقننين الوضعيين بهذا الجانب كما بدا ذلك واضحا في تعاريفهم المتقدمة. خلافا لما ذكره الدكتور عيسى عبده عنه. 
 
ولأهمية تعريف هيمار في نظرهم، فقد حاول بعضهم الاتكاء عليه في تعريفه للتأمين فهذا الدكتور محمد علي عرفة يعرف عقد التأمين تعريفا يظهر أثر تعريف الأستاذ هيمار واضحا فيه فيقول عنه إنه: "عملية فنية تزاوله هيئات منظمة مهمتها جمع أكبر عدد ممكن من المخاطر المتشابهة وتحمل تبعتها عن طريق المقاصة بينها وفقا لقوانين الإحصاء. ومن مقتضى ذلك حصول المستأمن أو من يعينه حالة تحقق الخطر المؤمن منه على عوض مالي يدفعه المؤمن في مقابل وفاء الأول بالأقساط المتفق عليها في وثيقة التأمين". 
 
فيأخذ عليه الدكتور جمال الحكيم ذلك ملاحظا أن تعريف الدكتور عرفة ليس إلا تعريف الأستاذ هيمار مع اللاستفاضة في شرح ماهية إجراء المقاصة".

ثم يقع الدكتور جمال الحكيم نفسه في ما وقع فيه الدكتور عرفة، وذلك حين عرف عقد التأمين بأنه: "عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أي عوض مالي ،آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية يؤديها المؤمن له للمؤمن، ويتحمل بمقتضاه المؤمن تبعة مجموعة من المخاطر بإجراء المقاصة بينها وفقا لقوانين الإحصاء".

فقد مزج هذا التعريف بين تعريف المقنن المصري وتعريف الأستاذ هيمار ولفق بينهما، إذ أخذ صدر التعريف بنص تعريف المقنن المصري، وأخذ ذيل التعريف بذيل تعريف هيمار.
 
ولتعريف عقد التأمين كان لابد من الأخذ بعين الاعتبار الجانبين الفني والقانوني معا وعدم إغفال أحدهما ، وإلا كان تعريفا ناقصا وفي هذا الصدد، نجد التعريف الذي حاول الجمع بين الجانبين هو التعريف الذي جاء به جوزيف هيمار في كتابه "التأمينات البرية واعتبر أن عقد التأمين هو "عملية يحصل بمقتضاها إحدى الفريقين وهو المؤمن له مقابل مبلغ معين وهو القسط على تعهد لصالحه أو لصالح الغير في حالة تحقق خطر معين من الفريق الآخر وهو المؤمن الذي يأخذ على عاتقه مجموعة من المخاطر يجري المقاصة
فيما بينه طبقا لقوانين "الإحصاء".
 

مفهوم عقد التأمين لدى الاقتصاديين


يمكن اختزال بعض التعريفات الاقتصادية وذلك من أجل الاستئناس دون الحصر، ونجملها فيما يلي:

عرفه كل من فريدمان وسافاج بقولهما: "أن الفرد الذي يقوم بشراء تأمينات من الحريق على منزله يفضل تحمل خسارة مالية صغيرة، مؤكدة (قسط (التأمين بدلا من أن يبقى متحملا خليطا من احتمال ضعيف لخسارة مالية كبيرة (قيمة المنزل (كاملة واحتمال كبير بألا يخسر شيئا. وهذا يعني أنه يفضل حالة التأكد عن حالة عدم التأكد ". يؤخذ على هذا التعريف أنه ركز على الجانب الفني المحض دون الجانب القانوني.
 
وجاء تعريف نايت بكون: التأمين" عمل من أعمال التنظيم والإدارة يقوم بتجميع أعداد كافية من الحالات المتشابهة لتقليل درجة التأكد إلى أي حد مرغوب فيه والتأمين ما هو إلا تصوير لمبدأ استبعاد عدم التأكد وذلك بالتعامل في مجموعات من الحالات بدلا من التعامل في حالات منفردة". كما يذهب هذا التعريف في نفس منح التعريف السابق بحيث إنه ركز على جانب الاحتمالية الذي هو أساس الجانب الفني وأغفل الجانب القانوني. 
 
وعرفه كذلك رجال التأمين أمثال ويدليت بأنه مشروع" اجتماعي يهدف إلى تكوين رصيد بغرض مجابهة خسائر مالية غير كدة، والتي يمكن تحاشيها عن طريق نقل عبء الخطر من عدة أشخاص إلى شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص وعادة ما يظهر عنصر من عناصر التأمين إذا ما كون هذا الرصيد بغرض مجبهة الخسائر غير المؤكدة، أو إذا تم نقل عبء الخطر، أما إذا اكتمل منع هاتين الظاهرتين ظاهرة تجميع المخاطر، ففي هذه الحالة يظهر التأمين بمعناه الكامل.

يعاب على هذا التعريف كذلك اقتصاره على مكافحة المخاطر أي الارتكاز على عنصر من العناصر القانونية لعقد التأمين دون التركيز كذلك على الجوانب الفنية أو الإحصائية كالقسط والعوض.

وجاء في تعريف دتسريل ليؤكد كذلك بأن: "التأمين وسيلة لتوزيع الخسائر التي تلحق بالفرد على مجموعة من الأفراد، ويمكن القول بأن التأمين يهدف إلى تكوين مجموعة يساهم فيها أفراد المجموعة ويعوض منها أولئك القلائل منهم الذين يصابون بخسائر أو أضرار " مثل هذا التعريف كسابقيه ركز على جانب توزيع الخسائر عن طريق التعويض دون الجوانب القانونية الأخرى وكذلك الجوانب الفنية.
 
التعريف الراجح:

يميل أغلب الباحثين القانونيين إلى اعتبار تعريف الأستاذ هيمار أفضل ، للتأمين لاشتماله على جانبي عقد التأمين وهما: الجانب القانوني والجانب الفني كما تقدم. غير أني لا أشاطرهم هذا الرأي، ولا أذهب معهم هذا المذهب "لأن المقصود الأصلي من التعريف أمران: الأول: تصور المعرف (بالفتح) بحقيقته، لتكون له في النص صورة تفصيلية واضحة. الثاني: تمييزه في الذهن عن غيره تمييزا تاما، ولا يؤدى هذان الأمران إلا بالحد التام. وإذ يتعذر الأمر الأول، يكتفي بالثاني، ويتكفل الحد الناقص والرسم بقسميه، وإلا قدم تمييزه تمييزا ذاتيا، ويؤدى ذلك بالحد الناقص، فهو أولى من الرسم والرسم التام أولى من الناقص. إلا أن المعروف عند العلماء أن الاطلاع على حقائق الأشياء وفصولها من الأمور المستحيلة أو المتعذرة. وكل ما يذكر من الفصول فإنما هي خواص لازمة تكشف عن الفصول الحقيقية. فالتعاريف الموجودة بين أيدينا أكثرها أو كلها رسوم تشبه الحدود.

وبناء على ذلك: فعلى من أراد التعريف أن يختار الخاصة اللازمة البينة بالمعنى الأخص لأنها أدل على حقيقة المعرف بالفصل. وهذا أنفع الرسوم في تعريف الأشياء، وبعده في المنزلة التعريف بالخاصة اللازمة البينة بالمعنى الأعم. أما التعريف بالخاصة الخفية غير البينة فإنها لا تفيد تعريف الشيء لكل أحد، فإذا عرفنا المثلث بأنه شكل زواياه تساوي قائمتين فإنك لم تعرفه إلا للمهندس المستغني عنه". 
 
وذكر الجانب الفني في تعريف التأمين وهو ما ركز عليه بعضهم عن تقدم من القانونيين والفقهاء خروج عن ماهية المعرف، ودخول في تفاصيل الأساليب المتبعة في التطبيق، وهو ما يتنافى مع أصول التعريف وفنية قواعده وأسسه وسننه.

أما التعريف الذي أقترحه لعقد التأمين فهو : 


"عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو المستفيد مبلغا محددا أو إيرادا مرتبا أو أي عوض مالي ،آخر عند وقوع خطر معين خلال مدة معينة، مقابل قسط التأمين الذي يؤديه المؤمن له للمؤمن". وقد شمل التعريف بقوله : (عقد) أشكال التأمين المتعددة، من تأمين تجاري قصد به تحقيق الربح، وتأمين غير تجاري لم يقصد به تحقيق الربح، وإنما قصد به التعاون لجبر الخطر أو الضرر الذي يلحق بأحد الأعضاء بتوزيعه عليهم جميعا.



تعليقات