القائمة الرئيسية

الصفحات

الرأي الذي أجاز وحرم التعامل بالتأمين

الرأي الذي أجاز وحرم التعامل بالتأمين
الرأي الذي أجاز وحرم التعامل بالتأمين

الرأي الذي أجاز وحرم التعامل بالتأمين


 

الرأي الذي أجاز التعامل مع التأمين

 
أشهر هؤلاء العلماء الذين أجازوا التأمين بأنواعه هم الأستاذ مصطفى الزرقاء، والأستاذ عبد الرحمن عيسى، والأستاذ محمد يوسف موسى، والأستاذ علي الخفيف والأدلة التي أوردها كل من هؤلاء متداخلة متشابهة وسيكون الاقتصار في تبيان الأدلة على ما أورده الأستاذ الزرقاء باعتبارها الأكثر شمولا، والأقوى حجة ودلالة من حجج ودلالة الآخرين الذين ذهبوا معه إلى الجواز.

يقول حفظه الله بعد كلام طويل: (... غير أننا علاوة على ذلك نرى أن في أحكام الشريعة وأصول فقهها ونصوص الفقهاء ما يصلح أن يكون مستندا قياسيا واضحا في جواز عقد التأمين الفرن الرالله با من
 
وأخص بالذكر ما يلي:

- عقد الموالاة :

ويتلخص هذا العقد : أن يقول شخص مجهول النسب للعربي: "أنت وليي تعقل عني إذا جنيت وترثني إذا أنا مت فعقد الموالاة هذا مت"، هو صورة حية من صور عقد التأمين حيث العربي يتحمل مسؤولية مجهول النسب في كل ما يصدر عنه من أضرار فوجه المشابهة بين عقد الموالاة وبين عقد التأمين هو تحمل المسؤولية لا غير.
.

- ضمان خطر الطريق عند الحنفية:


ويتلخص إذا قال شخص لآخر: أسلك هذا الطريق فإنه آمن وإن فعوضه ما خسره لأنه أصابك شيء فأنا ضامن" فسلكه فأصابه شيء ضامن. فإني أجد فيه فكرة فقهية يصلح بها أن يكون نصا استثنائيا قويا في جواز التأمين على الأموال من أخطار.
 

- قاعدة الالتزامات والوعد الملزم عند المالكية:


وتتلخص: "أن الشخص إذا وعد غيره عدة بقرض أو يتحمل وضيعة عند أي خسارة أو إعارة أو نحو ذلك مما ليس بواجب عليه في الأصل فهل يصبح بالوعد ملزما، ويقضي عليه بموجبه إن لم يف له، أو لا يكون ملزما ؟".

اختلف فقهاء المالكية في ذلك على أربعة آراء:

من جملتها: "يقضي بالعدة (أي الوعد مطلقا، أي أنها ملزمة له". فإذا أخذنا بالمذهب الأوسع في هذه القضية فإننا نجد في قاعدة الالتزامات هذه متسعا لتخريج عقد التأمين على أساس أنه التزام من المؤمن للمستأمنين، ولو بلا مقابل على سبيل الوعد بأن يتحمل عنه أضرار الحادث الخطر الذي هو معرض له أي أن يعوض عنه الخسائر.

- نظام العواقل في الإسلام

 
ويتخلص أنه إذا جنى أحد جناية قتل غير عمد بحيث يكون موجبها الأصلي الدية لا القصاص، فإن دية النفس توزع على أفراد عائلته الذين يحصل بينه وبينهم التناصر عادة، وهم الرجال البالغون من أهله وعشيرته وكل ما يتناصر بهم، ويعتبر هو واحدا منهم ..
 
إن هذا الكلام صريح في أن نظام العواقل في الإسلام أصله عادة حسنة تعاونية كانت قائمة قبل الإسلام في توزيع المصيبة المالية الناشئة من القتل أو الحرق أو السرقة ونحوها بغية تخفيف ضررها عن كاهل من ا لمصابه من جهة، وإحياء لحقوق الضحايا من الجنايات.

فما المانع من أن يفتح باب لتنظيم هذا التعاون على ترميم الكوارث المالية يجعله ملزما بطريق التعاقد والإرادة الحرة كما جعله الشرع إلزاميا دون تعاقد في نظام العواقل ؟

- نظام التعاقد والمعاش لموظفي الدولة:

ويتلخص أن يقتطع من المرتب الشهري للموظف في أعمال الدولة جزء نسبي ضئيل محدود حتى إذا بلغ سن الشيخوخة القانونية وأحيل على التقاعد أخذ وهو غير موظف عامل - راتبا شهريا يبلغ أضعافا مضاعفة من المبلغ الضئيل الذي كان يقتطع من راتبه شهريا. ويستمر المرتب التقاعدي الجديد مادام حيا مهما طالت حياته وينتقل إلى أسرته التي يعولها من زوجة وأولاد وغيرهم..

فما الفرق بين هذا النظام وبين التأمين على الحياة ؟

علما إن هذا النظام التقاعدي يقره علماء الشريعة الإسلامية كافة بلا نكير، ولا يرون فيه أية شبهة أو شائبة من الناحية الشرعية ..

وبعد كلام يقول والخلاصة: إن نظام التأمين بوجه عام تشهد لجوازه الدلائل الشرعية في الشريعة الإسلامية وفقهها، ولا ينهض في وجهه دليل شرعي على التحريم ولا تثبت أمامه شبهة من الشبهات التي يتوهمها القائلون لتحريمه. هذا ما يظهر لي في هذا الموضوع الهام الشائك الذي كثر حوله الخلاف. 
 
فإن كان صوابا فهو ما أرجو من توفيق الله سبحانه، وإن كان خطأ فمعذرتي أنه نتيجة التحري الواجب، وبذل الجهد في تعرف حكم الشريعة الغراء من خلال أدلتها، والله تعالى من وراء القصد والسلام عليكم. هذا ملخص الأدلة التي أوردها أستاذنا الجليل الشيخ مصطفى الزرقاء في جواز التأمين في مؤتمر "أسبوع الفقه الإسلامي" الذي أقيم في دمشق سنة.1961
 

الرأي الذي حرم التعامل مع التأمين


- الفقهاء المتأخرين 

 
من الطبقة قبل المعاصرة العلامة محمد بن عابدين صاحب حاشية رد المحتار على الدر المختار في فقه المذهب الحنفي فقد نقل ابن عابدين في الفصل الثاني من "باب" "المستأمن من حائية رد المحتار (ج3، ص: 249) ما خلاصته إن على الإمام نصرة المستأمنين من أهل الحرب ماداموا في دار الإسلام وأنه لا يحل لمسلم أن يتعاقد في دار الإسلام... مع المستأمن إلا ما يحل من العقود مع المسلمين كما لا يجوز أد يؤخذ من المستأمن شيء لا يلزمه شرعا وإن جرت به العادة كالذي يؤخذ من زوار بيت المقدس، ثم قال بعد ذلك:

وبما قررناه يظهر جواب ما كثر السؤال عنه في زماننا وهو أنه العادة أن التجار استأجروا مركبا من حربي يدفعون له أجرته، ويدفعون أيضا مالا معلوما لرجل حربي مقيم في بلاده يسمى ذلك المال (سوكرة). على أنه مهما هلك من المال الذي في المركب بحرق أو غرق أو نهب أو غيره.. فذلك الرجل ضامن له بمقابلة ما يأخذه منهم وله وكيل عنه (حربي) مستأمن في دارنا يقيم في بلاد السواحل الإسلامية بإذن السلطات يقبض من التجار مال السوكرة (أي قسط التأمين وإذا هلك من مالهم في البحر شيء يؤدي ذلك المستأمن للتجار بدله تماما، والذي يظهر لي أنه لا يحل للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله لأن هذا التزام ما لا يلزم. 
 
ومراده في التعليل بأنه التزام مالا يلزم أن المؤمن الذي أسماه (صاحب) السوكرة قد التزم بالعقد أن يدفع للتاجر عند هلاك ماله تعويضا عنه لا يلزمه الشرع بدفعه فلا يجوز أخذه منه.. فهو كالوديع أو المستعير أو المستأجر إذا اشترط عليهم في العقد ضمان قيمة الوديعة أو العارية أو العين المأجورة إذا هلكت قضاء وقدرا دون تعد من أحدهم أو تقصير في الحفظ فإن مثل هذا الشرط في قواعد المذهب الحنفي لا يلزمهم بشيء، فلا يجوز أخذ هذا الضمان منهم والذي نخلص إليه بعد ما تقدم أن ابن عابدين وهو من الفقهاء المتأخرين قد حرم عقود التأمين بأنواعها لأنها تتناقض مع قواعد الشريعة. 
 

الفقهاء المحدثين


الذين حرموا التأمين تحريما تام هم ما يلي:

-1 العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي مفتي الديار المصرية قديما وهو أقدم باحث في موضوع التأمين بعد العلامة ابن عابدين.

فقد جاءه استفتاء من بعض علماء الأناضول في العهد العثماني، فأجابه برسالة طبعة في مطبعة النيل بمصر سنة 1324هـ - 1906م. وخلاصة جوابه رحمه الله كما جاء في كتاب "عقد التأمين".. للأستاذ الزرقاء ص :19: إن ضمان الأموال شرعا بأحد طريقين: إما بطريق الكفالة وإما بطريق التعدي أو الإتلاف وإن عقد السيكورتاه (التأمين) لا تنطبق عليه شرائط الكفالة كما أن هلاك المال المؤمن عليه لا يكون يتعد من شركة التأمين فلا مجال لإيجاب الضمان عليها إذا هلك المال المؤمن عليه لعدم توافر أسباب الضمان شرعا ..".

ويقول الأستاذ الزرقاء: ثم ينحو الشيخ بخيت رحمه الله في بحثه منح ابن عابدين دون أن يشير إلى بحث ابن عابدين في هذا الموضوع أصلا، ثم يقرر في النهاية أن عقد التأمين عقد فاسد فيه التزام من شركة التأمين أو الشخص المؤمن الأجنبي بما لا يلزمهما شرعا ثم ينتهي رحمه الله إلى نتيجة هي أنه إذا دفع المؤمن ( المستأمن الحربي ضمان بدل المال الهالك في دار الحرب لا في دار الإسلام حل للمسلم لأنه أخذ لمال حربي يرضاه في دار الحرب دون غدر أو خيانة، وفي غعير ذلك لا يحل الأخذ ..
 
-2 الشيخ الكبير العلامة محمد أبو زهرة رحمه الله وكيل كلية الحقوق في جامعة القاهرة، ورئيس قسم الشريعة للدراسات العليا فيها . فهو الذي حمل لواء المعارضة إزاء كل من يجوز التأمين وكل من يستدل على إباحته بكلام ،متزن ورد ،رصين وحجة قوية.. وهو الذي تولى الرد على الأستاذ الجليل الشيخ مصطفى الزرقاء فيما أورده من استدلالات في جواز التأمين في المحاضرة التي ألقاها في مؤتمر "أسبوع الفقه الإسلامي الذي أقيم في دمشق في 1-6 نيسان 1961. وإليك أخي القارئ هذا الرد ملخصا مع بعض التصرف في الاختصار والتوضيح من كتاب "عقد التأمين.

أ- رده على استدلاله بعقد الموالاة
يقول رحمه الله : وننتقل إلى القياس الذي أثبته إذ قاس عقد التأمين على عقد الموالاة. وفي الحقيقة أننا دهشنا لهذه المقايسة بين عقد التأمين من شركة استغلالية وبين عقد الموالاة.. وذلك لأن عقد الموالاة هو أن يتفق شخص ممن أسلم من غير العرب مع عربي مسلم على أن يلتزم العربي بالدية إذا جنى، ويلتزم غير العربي بأن يكون العربي وارثه إذا لم يكن له وارث سواه، ،اه فلم نستطع أن نتصور جهة جامعة قط، واستغربنا هذا من فقيه عظيم مثل الأستاذ الزرقاء، وقد رد علينا في استغرابنا بأن المقصود من التشبه هو في التأمين بالنسبة للمسؤولية الجنائية، فإن العربي يتحمل الدية وهي من المسؤولية الجنائية. ولم يزدنا ذلك التوضيح إلا غرابة نعلنها ذلك لأن عقد الموالاة يجعل غير العربي في أسره عربية ينتمي إليها ويكون كأحد أفرادها، وكواحد منها و يحمل اسمها ولقبها فينادى بعنوانها، فيقال لأبي حنيفة الفارسي: أبو حنفية التيمي. فهل يكون من يعقد مع شركة استغلالية واحدا منها، ويكون عضوا في جمعيتها العمومية وله أن يتدخل في ميزانيتها، وبين ما يجب في أوجه الاستغلال والإنفاق ؟ وإذا لم يكن كذلك فكيف يشبه عقد التأمين بعقد الموالاة ؟ إنه قياس مع الفارق الكبير بل لا جامعة قط المقيس مع المقيس عليه !!..

ب رده على استدلاله بنظام العواقل
يقول الشيخ أبو زهرة رحمه الله: "والأشد" بعدا في القياس قياس التأمين على تحمل العاقلة الدية لأن العاقلة (القرابة) يربطها الدم، وتربطها الرحم الموصولة، التي أمر الله تعالى ،بوصلها ويربطها التعاون على البر والتقوى ويربطها التعاون في تحمل الغرم والاشتراك في كسب ..الغنم فهل يشبهها بأي وجه من وجود الشبه عقد جعلي ينشأ بالإرادة يكون بين شركة مستغلة، وطرف آخر يقدم إليها مالا كل عام أو كل شهر إننا نستغرب كل الاستغراب هذا القياس بعد بيان الأستاذ الفاضل، بل إننا من بعده أشد استغرابا.

ج - رده على استدلاله بنظام التقاعد والمعاش:

يقول رحمه الله: " ويحاول أن يدخل التأمين بكل ضروبه سواء ما كان تعاونيا بالفعل، وما كان عقدا بين أفراد وشركات التأمين في باب التعاون الذي دعا إليه الإسلام، وحضت عليه السنة النبوية والذي منه نظام التقاعد والمعاش..." فالتأمينات الاجتماعية التي تقوم بها الدولة سواء أكانت بين العمال أم كانت بين الموظفين، وسواء أكانت شاملة لها صفة العموم أم كانت خاصة ببعض الطوائف صحيحة مباحة ليس لنا اعتراض عليها وهي تعاون ،اجتماعي سواء أكان اتفاقيا أم كان فرضا من الحكومة فغن هذا نوع من التآخي أيا كان سببه ولو كان بالإلزام والتحتيم. فموضع الخلاف محدود محصور في العقود مع الشركات التي صناعتها الاستغلال عن طريق التأمين".

"صحيح أن أصل التأمين الذي نشأ في القرون الوسطى بين تجار البندقية كان تعاونيا، ولكن اليهود الذين استولوا على الاقتصاد بعد عصر تجار البندقية قد حولوه من معناه التعاوني إلى هذا المعنى الاستغلالي الواضح. فمن يتمسك بمعنى التعاون بعد هذا التحويل الغريب مثله كمثل من يعتبر الخمر حلالا لأن أصلها من العنب الحلال. بل إننا نقول إن التأمين الذي تتولاه الشركات الاستغلالية لا يعد متحولا من أصل التأمين التعاوني، بل هو معنى آخر، وإن حمل اسم الأول. فمن سمى الأبيض باسم الزنجي لا يحوله إلى زنجي، ومن سمى الأسود باسم الأبيض لا يحوله إليه.


تعليقات